شمس الحياة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شمس الحياة

منتدى للجميع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مكر الماكرين ومكر رب الارض والسماء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بنت حواء
عضو نشط
عضو نشط



عدد الرسائل : 23
تاريخ التسجيل : 26/06/2008

مكر الماكرين ومكر رب الارض والسماء Empty
مُساهمةموضوع: مكر الماكرين ومكر رب الارض والسماء   مكر الماكرين ومكر رب الارض والسماء Icon_minitimeالخميس يونيو 26, 2008 4:54 pm

مكر قريش بالرسول صلى الله عليه وسلم
يمثل مكر قريش وتدبيرهم، لقتل النبي والصد عن سبيل الله مشهداً مكرراً في الحياة الدنيا، وفي احباط الله لمكر الماكرين.
يقول تعالى: { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } [ الأنفال : 30 ] ، "إنه التذكير بما كان في مكة، قبل تغير الحال، وتبدل الموقف. وإنه ليوحي بالثقة واليقين في المستقبل، كما ينبه إلى تدبير قدر الله وحكمته فيما يقضي به ويأمر.. ولقد كان المسلمون الذين يخاطَبون بهذا القرآن أول مرة، يعرفون الحالين معرفة الذي عاش ورأى وذاق.
وكان يكفي أن يذكَّروا بهذا الماضي القريب، وما كان فيه من خوف وقلق، في مواجهة الحاضر الواقع وما فيه من أمن وطمأنينة.. وما كان من تدبير المشركين ومكرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم ، في مواجهة ما صار إليه من غلبة عليهم، لا مجرد النجاة منهم!
لقد كانوا يمكرون ليوثقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحبسوه حتى يموت، أو ليقتلوه ويتخلصوا منه، أو ليخرجوه من مكة منفياً مطروداً.. ولقد ائتمروا بهذا كله ثم اختاروا قتله، على أن يتولى ذلك المنكر فتية من القبائل جميعاً، ليتفرق دمه في القبائل، ويعجز بنو هاشم عن قتال العرب كلها، فيرضوا بالدية وينتهي الأمر!
قال الإمام أحمد: عن ابن عباس في قوله: وإذ يمكر بك.. قال: تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم: بل اقتلوه. وقال بعضهم: بل أخرجوه، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فبات عليّ رضي الله عنه على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار. وبات المشركون يحرسون علياً يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوه علياً رد الله تعالى عليهم مكرهم، فقالوا: أين صاحبك هذا؟ قال:لا أدري! فاقتفوا أثره، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم، فصعدوا في الجبل، فمروا بالغار، فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو دخل هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه.. فمكث فيه ثلاث ليال { ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } .

صورة مفزعة
" والصورة التي يرسمها قوله تعالى: { ويمكرون ويمكر الله } صورة عميقة التأثير.. ذلك حين تتراءى للخيال ندوة قريش، وهم يتآمرون ويتذاكرون ويدبرون ويمكرون.. والله من ورائهم، محيط، يمكر بهم ويبطل كيدهم وهم لا يشعرون!
إنها صورة ساخرة، وهي في الوقت ذاته صورة مفزعة.. فأين هؤلاء البشر الضعاف المهازيل، من تلك القدرة القادرة.. قدرة الله الجبار، القاهر فوق عباده، الغالب على أمره، وهو بكل شيء محيط؟!
والتعبير القرآني يرسم الصورة على طريقة القرآن الفريدة في التصوير، فيهز بها القلوب، ويحرك بها أعماق الشعور"(1).


عاقبة الماكرين
لقد ذكر لنا القرآن الكريم عدة جزاءات للماكرين مثل:
1) الصَّغار والعذاب الشديد:
قال تعالى: { سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون } [ الأنعام : 124 ] .
"سيصيبهم يوم القيامة بين يدي الله صغار وهو الذلة الدائمة لما أنهم استكبروا فأعقبهم ذلك ذلاً يوم القيامة لما استكبروا في الدنيا"(2).
2) الخسران:
قال تعالى: { أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } [ الأعراف : 99 ].
أي الذين أفرطوا في الخسران ووقعوا في وعيده الشديد.
{ أفأمنوا مكر الله } أي بأسه ونقمته وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سهوهم وغفلتهم { فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } ولهذا قال الحسن البصري يرحمه الله: "المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن"(3).
"ولا يريد الله للناس بهذا التحذير في القرآن أن يعيشوا مفزعين قلقين، يرتجفون من الهلاك والدمار أن يأخذهم في لحظة من ليل أو نهار، فالفزع الدائم من المجهول، والقلق الدائم من المستقبل، وتوقع الدمار في كل لحظة قد يشل طاقة البشر ويشتتها، وقد ينتهي بهم إلى اليأس من العمل والإنتاج وتنمية الحياة وعمارة الأرض، إنما يريد الله منهم اليقظة والحساسية والتقوى، ومراقبة النفس، والعظة بتجارب البشر، ورؤية محركات التاريخ الإنساني، وإدامة الاتصال بالله، وعدم الاغترار بطراوة العيش ورخاء الحياة.
إخلاص العبودية: والله يعد الناس بالأمن والطمأنينة والرضوان والفلاح في الدنيا والآخرة، إذا هم أرهفوا حساسيتهم به، وإذا هم أخلصوا العبودية له، وإذا هم اتقوه فاتقوا كل ما يلوث الحياة. فهو يدعوهم إلى الأمن في جوار الله لا في جوار النعيم المادي المغري، وإلى الثقة بقوة الله لا بقوتهم المادية الزائلة، وإلى الركون إلى ما عند الله لا إلى ما يملكون من عرض الحياة.
المؤمن يسلك مسلك مَنْ سلف من المؤمنين بالله المتقين لله ويحذر ما كان يأمن مكر الله، ويركن إلى سواه. وكان بهذا وذاك عامر القلب بالإيمان، مطمئناً بذكر الله، قوياً على الشيطان وعلى هواه، مصلحاً في الأرض بهدى الله، لا يخشى الناس والله أحق أن يخشاه.
وهكذا ينبغي أن نفهم ذلك التخويف الدائم من بأس الله الذي لا يدفع، ومن مكر الله الذي لا يدرك. لندرك أنه لا يدعو إلى القلق إنما يدعو إلى اليقظة، ولا يؤدي إلى الفزع إنما يؤدي إلى الحساسية، ولا يعطل الحياة إنما يحرسها من الاستهتار والطغيان"(4).
3) حرمان الهداية الإلهية:
{ بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد } [ الرعد : 33 ].
4) التدمير:
قال تعالى: { قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون } [ النحل : 26 ] .
" قد مكر الذين من قبلهم، أي كفار الأمم الخالية برسلهم، وأرادوا إخراجهم من بلادهم فمكر الله بهم وجعل العاقبة للمتقين " (5).
والتعبير في الآية الكريمة يصور هذا المكر في صورة بناء ذي قواعد وأركان وسقف؛ إشارة إلى دقته وإحكامه ومتانته وضخامته. ولكن هذا كله لم يقف أمام قوة الله وتدبيره: فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم، وهو مشهد للتدمير الكامل الشامل، يطبق عليهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم، فالقواعد التي تحمل البناء تحطم وتهدم من أساسها، والسقف يخر عليهم من فوقهم فيطبق عليهم ويدفنهم وأتاهم العذاب { من حيث لا يشعرون }، فإذا البناء الذي بنوه وأحكموه واعتمدوا على الاحتماء فيه، إذا هو مقبرتهم التي تحتويهم، ومهلكتهم التي تأخذهم من فوقهم ومن أسفل منهم. وهو الذي اتخذوه للحماية ولم يفكروا أن يأتيهم الخطر من جهته!

مشهد مكرر
إنه مشهد كامل للدمار والهلاك، وللسخرية من مكر الماكرين وتدبير المدبرين، الذين يقفون لدعوة الله، ويحسبون مكرهم لا يرد، وتدبيرهم لا يخيب، والله من ورائهم محيط!
وهو مشهد مكرر في الزمان قبل قريش وبعدها. ودعوة الله ماضية في طريقها مهما يمكر الماكرون، ومهما يدبر المدبرون. وبين الحين والحين يلتفت الناس فيذكرون ذلك المشهد المؤثر الذي رسمه القرآن الكريم: { فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون } [ النحل : 26 ] (6).
وقال تعالى: { فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين } [ النمل : 51 ] .
ومن لمحة إلى لمحة إذا التدمير والهلاك، وإذا الدور الخاوية والبيوت الخالية، وقد كانوا منذ لحظة واحدة، يدبرون ويمكرون، ويحسبون أنهم قادرون على تحقيق ما يمكرون!
وهذه السرعة في عرض هذه الصفحة بعد هذه مقصودة في السياق، لتظهر المباغتة الحاسمة القاضية. مباغتة القدرة التي لا تغلب للمخدوعين بقوتهم، ومباغتة التدبير الذي لا يخيب للماكرين المستعزين بمكرهم"(7).
----------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مكر الماكرين ومكر رب الارض والسماء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شمس الحياة :: المنتدى الرئيسي :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى: